قصص مدمني البودرة.. كيف تحولت حياتهم إلى جحيم؟

القصة الأولى: أنا مدمن هيروين

يقول صاحب القصة "اسمي (ك.م) طالب جامعي أحكي لكم اليوم قصتي مع إدمان الهيروين لعلها تكون عظة لمن في مثل سني، بدأت القصة في إجازة آخر العام عندما حصلت على عمل ليلي لتغطية مصاريفي الدراسية، وفي هذا العمل تعرفت على أول شخص عرض علي الهيروين في أحد الأمسيات للتسلية وتضييع الوقت، جربت الهيروين دون أن أعرف حقيقته فقد ظننت أنها مجرد سيجارة، لكن ما حدث بعدها كان مختلفًا تمامًا، حيث شعرت بسعادة غامرة وانفصال تام عن الواقع".

"أعجبني هذا الشعور فبدأت أطلب السيجارة من وقت لآخر كنت أعتقد أنني أتحكم في الأمر، وأنني سأتمكن من التوقف وقتما أريد، لكن الأمر كان أكبر مني بكثير، حيث بدأت ألاحظ تدهورًا في صحتي، وأصبحت أنفق كل ما أحصل عليه لأبتاع المخدر، وهجرت الدراسة والأصدقاء، وبدأت أعيش في دوامة من العزلة والكذب والخوف من اكتشاف عائلتي".

صدمة غيرت حياتي

"أصبح الهيروين جزءًا أساسيًا من يومي، وسألت صديقي عن طريقة أخرى بدلًا من تدخينه، فأخبرني بإمكانية استنشاقه وحقنه وبالفعل فعلت ذلك بنفسي، ومع مرور الوقت، شعرت أن الجرعة المعتادة لم تعد تعطيني الشعور الذي اعتادت عليه، فقررت زيادة الكمية كنوع من التغيير وتجديد التأثير".
"لكن حدث عكس ما كنت أتوقع ولم أحصل على التأثير المعتاد، بل عانيت من تناول جرعة زائدة من الهيروين وظهرت أعراضها في صورة ضيق حاد في صدري وكأنني أجاهد لأتنفس، وبالكاد استطعت توصيل صوتي لعائلتي التي هرعت لإنقاذي، فقد كنت على حافة الموت بالفعل".
في المستشفى، استطاع الأطباء إسعافي بصعوبة بعد معاناة شديدة، واكتشفت عائلتي الحقيقة الكاملة عن معاناتي مع الهيروين، ولم يعد بالإمكان إنكار ما كنت أمر به، فقررت عائلتي أن تدعمني بكل ما تستطيع لأخرج من هذا النفق المظلم وأبدأ رحلة التعافي".

بداية جديدة من رحم الألم

"بحثت عائلتي عن أفضل مصحة واستقرت الآراء على المركز لعلاج الإدمان لما يتمتع به من سمعة طيبة وخبرات طبية عالية في المجال، وهناك بدأت رحلة التعافي، بالطبع لم تكن مراحل العلاج سهلة لأنني كنت أتعاطى الهيروين بكثافة، فبدأ الأطباء معي بمرحلة سحب السموم والتي شملت استخدام أدوية تساعد على ترك الهيروين منها مسكنات الآلام ومضادات الاكتئاب والقلق لعلاج الأعراض النفسية وغيرها حسب بروتوكول مناسب لحالتي الصحية ومصرح به من وزارة الصحة.
"بدأت أعراض الانسحاب التي تشمل آلام العضلات والإسهال والتقيوء باستمرار تتحسن بعد أسبوع من التوقف عن التعاطي، وخلال أسبوعين من بدء العلاج اختفت معظم الأعراض الجسدية، لكن الأعراض النفسية احتاجت إلى المتابعة لعدة أشهر بعد التعافي مع الأطباء المتخصصين بالمركز".
"اليوم، وبعد تجربتي مع الهيروين ورحلة العلاج الطويلة، أستطيع أن أؤكد لكم بداية عودتي لحياتي الطبيعية، والشعور بالأمل مرة أخرى، لم يكن الهيروين مجرد مخدر أو هروب من الملل بل فخ قاتل كاد أن يسرق مني كل شيء، لكن بفضل الله وبالإرادة والدعم تمكنت من تجاوز هذه المحنة".

القصة الثانية: كدت أفقد حياتي

هذه القصة لأب وسائق بأحد شركات النقل، يحكي قصته قائلًا "أنا (أ.م) عمري 40 عامًا متزوج وأب لثلاثة أطفال، وبسبب وظيفتي كنت أتعاطى بعض الحبوب التي تساعد على السهر وإعطائي القوة والنشاط لأواصل عملي دون تعب".

"في البداية، كانت الحبوب تخفف عني التعب وتساعدني على التركيز، لكن مع مرور الوقت لاحظت أنني أحتاج إلى جرعات أكبر لأشعر بنفس التأثير، وبعد فترة لم أعد أشعر بأي نتيجة من الحبوب التي كنت أتناولها، فبدأت أبحث عن بدائل أكثر قوة، وهنا خدعني زميل لي في العمل، إذ عرض علي تدخين الهيروين باعتباره من المواد المنشطة التي تعطي طاقة وسرعة رد فعل عالية".
"بدأت في استخدامه ببطء ثم أصبح الأمر عادة يومية، وصار الهيروين يتحكم في حياتي وكنت أشعر بالنشوة والقوة لفترات قصيرة، لكن بعدها كنت أغرق في تعب نفسي وجسدي شديد".

تحليل الهيروين وبداية التعافي

"بعد فترة من تعاطي الهيروين فوجئت بقرار الشركة بإجراء تحليل دوري لجميع الموظفين، حاولت التغيب عن الاختبار واستخدام وسائل كثيرة لخداع التحليل، حاولت شرب الماء بكميات كبيرة لكن كل هذه المحاولات لم تفلح وجاءت نتيجة تحاليل المخدرات إيجابية، شعرت بالخوف والقلق الشديد، ولم أكن أعرف كيف أواجه عائلتي أو مديري في العمل.

"ولأن مديري يعلم مدى التزامي في العمل، قد منحني فرصة ثانية لإصلاح أموري وأعطاني إجازة مفتوحة حتى أعيد ترتيب حياتي، وكانت هذه الإجازة بمثابة طوق النجاة بالنسبة لي، حيث تأكدت أنني لم أعد قادرًا على الاستمرار في هذه الحالة، وبدأت رحلة البحث عن مركز لعلاج الإدمان يساعدني على التخلص من ذلك الكابوس قبل أن أفقد كل شيء"، وبالفعل استقريت على المركز لعلاج الإدمان الذي يتميز بوجود فريق طبي متخصص وبرامج علاجية متكاملة".

مراحل العلاج في المركز

"بدأت تجربتي في علاج الهيروين بالفحص الطبي الشامل في المركز، ثم بدأت مرحلة سحب السموم والتي كانت الأصعب بسبب أعراض الانسحاب، مثل تعب العضلات والغثيان وآلام العظام والرغبة الشديدة في التعاطي، لكن الدعم الطبي والنفسي المستمر ساعدني على تجاوز هذه المرحلة".
"بعد ذلك، تابعت جلسات التأهيل النفسي التي علمتني كيفية مواجهة الضغوط اليومية دون اللجوء إلى المخدرات، وأدركت أهمية التواصل مع أسرتي وتحسين مهاراتي الشخصية لتحسين حياتي، والآن، وبعد عدة أشهر من العلاج، أشعر أنني ولدت من جديد وتحسنت علاقتي بأطفالي وزوجتي، وأصبحت قادرًا على الاستمرار في عملي بثقة".