بداية حكايتي مع إدمان الكريستال ميث
أنا شاب أبلغ من العمر 21 عام، بداية تجربتي مع الكريستال ميث لم تكن سوى رغبة في تجربة شيء جديد قادني إليه الفضول، وذلك حين انضممت إلى مجموعة جديدة من الأصدقاء كانوا في الأصل معرفة صديقي وهو من عرفني بهم، فكرة الإدمان بالنسبة لشخص مثلي كانت بعيدة للغاية ولم يخطر ببالي ولو لمرة أنني قد أصبح أسيرًا لتلك المخدرات اللعينة، فأنا شاب خلوق، متعلم، مثقف، ومن أسرة طيبة، ولكن يبدو أن الصاحب ساحب حقًا كما يقولون في الأمثال الشعبية.
فبعد إلحاح من أصدقائي لمشاركتهم في تجربة هذا المخدر الذي يسبب سعادة وطاقة مفرطة خضعت لرغبتهم وشاركتهم في تدخين سيجارة من الكريستال ميث، والتي جعلتني أشعر بالطاقة المفرطة والنشوة الزائدة والثقة التي لاحدود لها، كما شعرت أنني مفعمًا بالنشاط والحيوية مع عدم الرغبة في النوم واليقظة الشديدة التي جعلتني لا أنام تلك الليلة البائسة، وانتابتني أيضًا بعض الهلاوس والضلالات، كما شعرت ببعض الأعراض الجسدية التي ظهرت بشكل مباشر عقب التعاطي، مثل وجود طعم معدني غريب بالفم وزيادة في ضربات القلب، بالإضافة إلى رعشة في اليدين.
يبدو أن الشعور الذي حصلت عليه في المرة الأولى قد آثار إعجابي وجعلني أرغب في تكرار الأمر في أسرع وقت، فطلبت من أصدقائي على الفور إعطائي المزيد منها، وبدأت بتكرار الأمر مرات عديدة منذ المرة الأولى، ولكن الشعور الذي حصلت عليه هذه المرة بدأ يبدو مختلفًا عن الشعور الذي اعتدت عليه والذي أعجبني كثيرًا، فبدأت أشعر بأعراض تعاطي الكريستال ميث مثل الأرق، القلق، التوتر، الاكتئاب، الغضب، التهيج، الانفعال، جفاف الفم، التعرق الزائد، فقدان الشهية، فقدان الوزن، الشد العضلي، اتساع حدقة العين، كلام سريع وغير متزن، الهلاوس السمعية والبصرية، الشد الدائم بالآخرين والارتياب (البارانويا)، الحركة المفرطة، السلوكيات العدوانية، ضعف الذاكر، فقدان التركيز، الهزال والضعف العام، جروح وتقرحات في الجلد نتيجة للحكة الزائدة، المظهر السيء، والعزلة والابتعاد عن الآخرين، وكلها علامات واضحة لمتعاطي الكريستال ميث ذلك ما جعل المحيطين يلاحظون أن هناك أمرًا غير طبيعي يحدث معي، حيث أصبحت أعاني من المظهر العام السيء وغير المهندم على غير عادتي.
فريقنا الطبي موجود لدعمك ومساعدتك فلا تتردد بالتواصل الان
فريقنا الطبي موجود لدعمك ومساعدتك فلا تتردد بالتواصل الان
كيف تخلصت من الإدمان وحققت التعافي؟
أصبحت في وضع بائس وفي حالة مزرية يصعب الخروج منها بمفردي، في باديء الأمر كنت أخفي أمر إدماني وأنكر ذلك لجميع أفراد أسرتي، إلا أن الأمر خرج عن السيطرة وأصبح إدماني واضحًا للعلن، وقرار علاج إدمان الكريستال ميث كان ضرورة قصوى لحالتي، إلا أن الأمر لم يكن أبدًا لينبع من داخلي في ظل التأثيرات السلبية التي أثر بها المخدر على عقلي وطريقة تفكيري، فأنا أعلم أن الكريستال ميث والجنون حليفان وفقدان العقل مصير محتوم لمدمنيه، وقد أصبح الأمر وشيكًا لولا تدخل أسرتي في الوقت المناسب، حيث تم إيداعي في المركز لعلاج الإدمان وهو أحد المصحات الرائدة في علاج إدمان الكريستال ميث.
فقد بحث والدي عن أفضل مكان للعلاج ووجد أن غالبية الآراء ترشح المركز لعلاج الإدمان، كما حذروه من هذا المخدر المعروف بأنه واحدًا من أخطر المخدرات؛ وعلاجه يحتاج لخبرة كبيرة للتعامل مع أضراره على الجسم والدماغ والتي قد تصل للجنون وتلف دائم بالدماغ، وكذلك فشل بالوظائف الحيوية بالجسم، ومن ثم الموت كنتيجة لذلك أو بسبب جرعة زائدة مميتة، لذا شعر والدي بالخوف من فقداني وأسرع في إيداعي في المركز.
لقد خضعت لتقييم جسدي ونفسي فور وصولي للمستشفى اعتمادًا على عدة فحوصات معملية، نفسية، وجسدية، وبناءً على ذلك تم عمل خطة علاج فردية تناسب حالتي، وتم البدء في علاجي بأسرع وقت وخضعت لمرحلة سحب السموم، والتي كانت من أصعب مراحل العلاج لولا البروتوكول الدوائي المتكامل الذي حصلت عليه للتحكم في أعراض انسحاب الكريستال ميث وتخفيف حدتها، حيث أن أعراض الانسحاب كانت عبارة عن صداع قوي، ألم في المفاصل وعضلات الجسم، تعب وإرهاق، ضعف عام، رعشة بالأطراف، بطء في الحركة والكلام، القلق الشديد، التوتر الزائد، التعرق الغزير، الاكتئاب الحاد، الكوابيس واضطرابات النوم، الرغبة الشديدة في التعاطي، الغضب والانفعال، صعوبة التركيز، الارتباك والتشويش الذهني، الهلاوس البصرية والسمعية، والبارانويا.
كل هذه الأعراض لم أكن أبدًا لأقوى على تحملها بدون المساعدة الطبية التي حصلت عليها في المركز لعلاج الإدمان، حيث استمرت فترة سحب السموم حوالي 14 يومًا، وهي مدة كافية لخروج الكريستال ميث من الجسم حيث أن مدة بقائه بالبول تكون 10 أيام وأقل من ذلك في اللعاب والدم.
وبعد انتهاء مرحلة سحب السموم والتخلص من معظم الأعراض الجسدية المزعجة، ظلت بعض الأعراض النفسية تلازمني حوالي عدة أشهر، ولكن بفضل خضوعي أيضًا لجلسات من العلاج النفسي المكثف والعلاج السلوكي والتأهيل الاجتماعي تمكنت من التخلص من أي أعراض نفسية أو جسدية وتوصلت للتعافي التام، وبفضل جلسات الرعاية اللاحقة والدعم الاجتماعي الذي كنت أتلقاه، مازلت أنعم بالتعافي المستدام و بمأمن من الانتكاس.
حياتي بعد التعافي من الإدمان
بعد الشفاء التام من الإدمان أدركت حقًا مقولة أن "الإدمان ليس نهاية الطريق، بل بداية لحياة جديدة" وهذا حقًا ما استشعره كل يوم، حيث تمكنت من استعادة صحتي الجسدية، وتخلصت من جميع المشاكل والاضطرابات النفسية التي عانيت منها، كما استعدت قدراتي العقلية بالتدريج، كما أصبحت أنام بشكل طبيعي، والأهم من ذلك أنني عدت لنشاطاتي واهتماماتي السابقة والتي عزفت عنها بسبب الإدمان، ومن مكاني هذا أنصح الجميع على ضرورة الانتباه جيدًا لمخاطر الإدمان وأن المخدر أكبر بكثير من مجرد لذة زائلة ونشوة زائفة قد تعاني من ويلاتهما طوال العمر، إن لم يكن مصيرك الموت المحتم نتيجة للتعاطي.

 (1).png)