قصتي مع الكوكايين
اسمي مهدي وأنا شاب في بداية العشرين من عمري أعمل في أحد المصانع ولم أكمل دراستي بعد الثانوية، وكانت حياتي تتلخص ما بين العمل لما يزيد عن 12 ساعة في اليوم والمنزل لأستريح بقية اليوم، وكانت علاقاتي الاجتماعية سيئة جدًا، فلا صديق لي سوى زملائي في العمل من بينهم صديق واحد كان جديدًا في المصنع لكنني سرعان ما كونت معه صداقة قوية جدًا، حيث كان كثير الضحك والمزاح ودائمًا ما كان يحاول أن يزيل عني همومي ومرارة يومي في العمل بكلامه ومساعدته لي، وفي أحد الأيام وجدت نفسي مرهقًا جدًا من العمل وما زال لدي أربع ساعات لينتهي الدوام، فوجدته قد ناولني حبة وأخبرني بأنها ستساعدني على البقاء نشيطًا طوال اليوم، وحينما سألته عن ماهية الحبة فأخبرني بصريح العبارة أنها حبة كوكايين!
في البداية ترددت وامتنعت عنها إلا أنه قد أقنعني أن تناول جرعة صغيرة لن يجعلني مدمنًا، وأنه يستخدمها فقط عند الضرورة وبذلك يستطيع إكمال يومه في العمل دون تعب أو ملل، وبالفعل تعاطيت الكوكايين وجررت نفسي للتهلكة دون أن أدري.

فريقنا الطبي موجود لدعمك ومساعدتك فلا تتردد بالتواصل الان
فريقنا الطبي موجود لدعمك ومساعدتك فلا تتردد بالتواصل الان
أعراض التعاطي وهاوية الإدمان
في البداية عند أخذ حبة الكوكايين شعرت بنشوة ونشاط شديدين واستطعت استكمال العمل على أكمل وجه وأنا سعيد ومبتهج، وقد ظننت أن الكوكايين لن يؤذيني بالفعل، وما إن مرت بضع دقائق حتى شعرت بتسارع ضربات قلبي وغثيان في معدتي وبدأت أنفعل بسرعة على أبسط الأمور، وفي نهاية المطاف وجدت نفسي أتشاجر مع أحد زملائي في العمل وقد دفعني الغضب لضربه ضربًا مبرحًا، مما جعل مدير المصنع يطردني من العمل وأصبحت عاطلًا في ذلك اليوم، وفي مساء نفس اليوم وجدت نفسي أتألم بشدة وبدأت مشاعر القلق والاكتئاب تحاوطني وتجعلني تعيسًا، وقد وجدت صديقي هذا يزورني ويخبرني بأنني أحتاج لجرعة أخرى لكي أستعيد توازني، وقد حاولت الامتناع عنها فوضعها أمامي ورحل، وتركني في صراع مع نفسي، هل آخذ الحبة أم أبقى أصارع ألمي؟ وقد أخذتها على أية حال وبدأت من هنا رحلتي مع الإدمان، حيث أصبحت جرعة الكوكايين اليومية جزءًا من حياتي، وقد كان صديقي يوفرها لي بثمن زهيد ولأنها تلهيني عن الفقر والجوع، كنت أتعاطى جرعتي واستكمل يومي مع أعراض الإدمان دون اكتراث بما يحل بي من سوء، وحينها استطعت أن أقول بكل أسى أنا مدمن كوكايين.
اقرأ أيضاً عن:
زوجي مدمن كوكايين : 10 خطوات عملية لمساعدته على التعافيتأثير ادمانه على صحتي
بعد مرور عدة أشهر على التعاطي والإدمان بدأ الكوكايين يؤثر على صحتي الجسدية بشكل واضح، وبدأت أعاني من آلام عصبية شديدة، بالإضافة إلى هلوسات سمعية وبصرية وحسية، كنت أشعر طوال الوقت أنني ملاحق وأنني سأتعرض للأذى وكانت كل تلك الأوهام تطاردني بشدة، فكيف يمكن التخلص من الكوكايين وعذابه؟ في أحد الأيام اتصل علي مديري في المصنع ولم أجب على الهاتف.
كنت أظن أنه يريد ملاحقتي وسجني، إلا أنه وبعد محاولات للاتصال، أتى إلى مكان سكني واكتشفت بأنه يريد الاطمئنان على حالتي، أنكرت أنني أعاني من تجربتي مع تعاطي الكوكايين، إلا أنه أصر علي أنه يريد الاطمئنان علي وأخبرني أنه يمكن التخلص من الكوكايين بكل سهولة، وطلب مني عمل تحليل كوكايين، خاصة أنه اكتشف أن زميلي يوزع الكوكايين على العمال في المصنع.
وأكد لي أنه سيعيدني للعمل وأنه سيعطيني فرصة جديدة، لكنني كنت خائفًا من عمل التحليل في هذا الوقت لأنني أعلم أن مدة بقاء الكوكايين في البول قد تستمر حتى عشرة أيام، فأخبرته أن يعطيني مهلة، إلا أنه تفهم الوضع وأخبرني أنه لن ينتظرني وطلب مني الوثوق به، وقد تجاوبت معه وحللت وتبين له أنني مدمنًا على الكوكايين، وقد ظننت أنه يريد سجني أو إيذائي، إلا أنه أخبرني بأنه سيساعدني في تلقي العلاج والتخلص من إدمان الكوكايين، وقد أخذني للمركز لعلاج الإدمان حيث تمكن من معالجة ابنه هناك، وبالفعل ذهبت للمركز وبدأت في رحلة العلاج.
تفاصيل العلاج
في البداية قام الأطباء بعمل فحوصات وتحاليل ضرورية وتقييم شامل لحالتي الصحية والنفسية، ثم أخبروني بمكان إقامتي وبدأت رحلة سحب سموم الكوكايين من الجسم، وهي مرحلة سهلة إلا أنها لم تكن مؤلمة كثيرًا، خاصة أن الطبيب في المركز وصف لي أدوية علاج إدمان الكوكايين المناسبة مثل ديسلفيرام ومودافينيل.
وبعد انتهاء مدة السحب التي استمرت أسبوع كامل وتحملت فيها أعراض انسحابية مثل الاكتئاب والقلق والتعب الجسدي، بدأت مرحلة العلاج النفسي والسلوكي المعرفي وهي مرحلة مهمة جدًا لتقوية شخصيتي ووقايتي من الانتكاس والعودة للإدمان، وقد تعلمت الكثير من هذه المرحلة مثل التفكير بطرق مختلفة عندما أتعرض لموقف أشعر فيه بالرغبة في التعاطي لصرف نفسي عن ذلك، وفي النهاية تعافيت تمامًا من الإدمان وخرجت من المركز بسلام وأنا ممتن لأطباء المركز ولمديري الذي مد لي يده ووضعني على طريق التعافي.